في ظل ما يعيشه الجنوب من معاناة قاسية ومتراكمة لم تعد المطالب مجرد شعارات أو ردود أفعال عاطفية بل أصبحت تعبيرًا مشروعًا عن حق تاريخي وشعبي في استعادة الدولة والكرامة والسيادة.
لقد دفع شعب الجنوب أثمانًا باهظة منذ حرب 1994م مرورًا بسنوات الإقصاء والتهميش وصولًا إلى الحروب والانهيارات الاقتصادية والخدمية التي أثقلت كاهل المواطن الجنوبي في كل محافظة.
يعاني المواطن اليوم من انقطاع الكهرباء وتدهور العملة وغياب الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار في وقتٍ يمتلك فيه الجنوب ثروات وموانئ وموقعًا استراتيجيًا كان – ولا يزال – قادرًا على أن يصنع دولة مستقرة وقادرة على الحياة.
إن هذه المعاناة لم تعد تُحتمل، وهي ليست قدرًا بل نتيجة واقع سياسي مختلّ لم ينصف الجنوب ولا أهله.
ومن هنا يتجدد حلم كل جنوبي بإعلان دولة الجنوب العربي، دولة تُبنى على الشراكة والعدالة، وتحمي كرامة الإنسان، وتعيد الاعتبار للتاريخ والهوية، وتمنح الأجيال القادمة حقها في العيش بأمان واستقرار. هذا الحلم لم يولد اليوم، بل هو امتداد لنضال طويل قدّم فيه الجنوبيون الشهداء والجرحى، وصبروا على الألم من أجل مستقبل أفضل.
وفي هذا المنعطف التاريخي الحساس تتجه أنظار شعب الجنوب إلى فخامة الرئيس اللواء عيدروس بن قاسم الزُبيدي، بوصفه قائدًا حمل قضية الجنوب في أصعب المراحل، ووقف في وجه العواصف السياسية والعسكرية، وسعى لتثبيت حضور الجنوب إقليميًا ودوليًا. وإننا نأمل من فخامته أن يكون صوت الشعب وترجمة إرادته، وأن يقود المرحلة القادمة بحكمة وشجاعة، واضعًا مصلحة الجنوب فوق كل اعتبار، ومستندًا إلى التفاف شعبي حقيقي وإجماع وطني جنوبي.
ويوجّه شعب الجنوب رسالة إلى كل محافظاته من المهرة إلى باب المندب، ومن حضرموت إلى عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وسقطرى، بضرورة أن يكون الجميع جزءًا من الحل لا جزءًا من الصراع، والتمسك بالحق بعقل الدولة لا بعاطفة اللحظة، ودعم أي مسار يوصل الجنوب إلى بر الأمان، ويخفف معاناة الناس، ويحفظ كرامتهم.
وتتطلب المرحلة وعيًا عاليًا ونبذًا للخلافات المناطقية، ورفضًا لكل محاولات التشظي والفتنة، فالجنوب لا يُبنى بمحافظة دون أخرى، ولا يُحمى إلا بتكاتف الجميع. والاختلاف في الرأي مشروع، لكن تمزيق الصف خيانة للحلم والتضحيات.
وفي كلمة أخيرة، لمن أراد معرفة قرار هذا الشعب، فليُنظَر إلى الساحات؛ فهناك تُكتب الشرعية، وهناك يُعلن الموقف، وهناك يقول الشعب كلمته التي لا تقبل التأويل.