تحركت الماكينة الإعلامية والسياسية والمجتمعية في حرب ضروس على المعلم، فكل واحد أمهله وتوعده، وكأن هذا المعلم أصبح خصمًا للجميع، ولم يعلموا أن المعلم لم يضرب عبثًا بل جاء إضرابه عندما تقطعت به السبل ولم يجد قوت يومه ولا علاج أمراضه المزمنه وزادوه همًا فوق همه أنهم لم يحسوا بوضعه المعيشي، ولم يعلموا أنه لا يجد قيمة دفتر لأولاده ولا رغيف خبز ليدسه في حقيبتهم عند ذهابهم إلى المدرسة.
نعم يا سادة إنها حرب قادها الإعلام الذي كنا نظنه سينتصر للمعلم، ولكنه للأسف حارب المعلم، وجاء الساسة ليكملوا ما بدأه الإعلام فهددوا المعلم بالويل والثبور إن استمر في المطالبة بحقوقه، فأحكموا الخناق على المعلم، وفي ظل هجمة مجتمعية متكاملة رفع المعلمون إضرابهم مكرهين.
انهزم معلم الأجيال، انهزم الذي كان يعلمهم الحرية والأنفة، وعاد مكسورًا إلى ممارسة عمله، وبالمقابل تدفقت ملايين الدولارات على الراقدين والراقدات والراقصين والراقصات والمبعططين والمبعططات واللاهين واللاهيات في فنادق العالم المختلفة، واستخسروا فتات كان يطالب به المعلم، فماذا استفاد الإعلاميون من حربهم على المعلم؟ ماذا سيستفيد المجتمع من معلم سيعود مكسورًا يشكو الجوع والمرض ويحمل هم أولاده الذين ينظرون إليه نظرة المنقذ لهم، فيرونه وقد انهزم أمام صرخات الإعلام وتهديد الساسة، وتهكم المجتمع؟
ويلكم من الله يا من وقفتم في طريق مطالبات المعلمين بحقوقهم، فلتأذنوا بحرب من الله، لأنكم تراخيتم عندما سالت الأموال على سقط المتاع في الخارج، وحملتم سيوفكم عندما طالب المعلم بقيمة علاجه ورغيف عياله، يا رب إنا نجعلك في نحور كل إعلامي وسياسي وولي أمر وقف ضد مصالح المعلم، وتراخى وهو يرى ويسمع عن تلك الأموال التي تذهب إلى الخارج لعاهات المجتمع المنبطحين في الفنادق والمتنزهات.